أيها الاخوة و الأخوات الأفاضل و الفاضلات
حياكم الرحمان و بياكم و جعل الفردوس الاعلى مثوانا و مثواكم
رأيت اليوم فيديو أبكاني كثيرا لشاب مغربي في سن الخامسة و العشرين و قد كان متواجدا بمحاضرة للشيخ الاستاذ عبد الله نهاري و هو أستاذ محاضر و إمام مسجد و داعية معروف بالمغرب و خارجه ، هذا الشاب كان من المفترض أن يوجه سؤالا للشيخ المحاضر لكنه بدلا من ذلك أطلق صرخة من أعماق قلوب شباب هذه الأمة جمعاء الجريحة و الضائعة .
قال في مداخلته : أنا شاب يفترض بي أنني مسلم لكنني لم أصل إلا في سن الخامسة و العشرين و بالظبط يوم أمس حين حدثني أصدقائي عن زيارة الشيخ و محاضراته و لم أكن أدري عنه اي شيء ، فأروني بعضا من دروسه فبكيت و كأنني أستيقظ من سبات عميق فكرت في كل ما جنيت فهالني الأمر ، و أنا الآن أقر و أعترف أمامكم جميعا أنني قد اقترفت جميع المحرمات ما يخطر على بالكم و ما لا يخطر ، و أنا لا ابرر لنفسي ما اقترفته ، لكنني منذ مراهقتي أجلسوا بجانبي في المدرسة فتاة نصفها عـار ، و حين أمشي في الشارع أجده مليئا بالعرايا المتعطرات و المتزينات ، و حين أفتح التلفزيون نفس الشيء بل لا يدعو سوى للرذيلة ، و كل أبواب المنكر حيثما ذهبت أجدها مفتوحة ، أنا شاب ضاعت منه سنوات من عمره في معصية خالقه و اليوم أريد أن أتوب فمن يعينني على ذلك و لا زالت كل أبواب الفاحشة مفتوحة أمامي ، ماذا فعلتم ايها الدعاة و العلماء لتعينوني على توبتي و تقفلوا أبواب الشيطان أمامي و أمام كل الشباب أمثالي ؟؟؟؟ .
الحقيقة أن كلام هذا الشاب قد أبكى الجميع و خاصة الشيخ المحاضر الذي كاد يغمى عليه من شدة وقع كلمات هذا الشاب .
كانت صرخة شاب ، بل صرخة أمة في زمن غابت فيه المنابر الصادقة ، وحورب العلماء الربانيون وهمشوا وأقفلت المساجد وغيبت التربية الاسلامية في مناهجنا وشجع الغناء والفسق ، ونظمت المهرجانات المخدرة ، وصرفت الملايير من أجل رياضة معطوبة لإغناء الاغنياء وعطلت مساطر المحاسبة ، ها نحن نجني وسنجني ما زرعنا .
قال الله تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق ، إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير "
بدورنا نطلق صرخة لكل علماء المسلمين في بلداننا الإسلامية و الدعاة ، أن يكون عملهم غير مقتصر على فتاوى تكفير او تحقير هذه الجماعة أو تلك ، أو على تحريم هذا العيد أو ذاك ، أو على الدعوة في قنواتهم الدينية ، بل يفترض بهم أن يكون دورهم أكبر من ذلك و هو تغيير المنكر من منابعه و أسبابه رحمة بهذه الأمة و رحمة بأنفسهم يوم يقابلون الحسيب الرقيب .
قال الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام : (والله ما الفقر أخشي عليكم، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
نسأل الله تعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا و أن يجعلنا من التائبين المهتدين و أن يسددنا لما فيه خيرنا و خير هذه الأمة
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الّتِي فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الّتِي فِيها مَعَادِي ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ . اللَّهُمَّ أَطِلْ حَيَاتِي عَلَى طَاعَتِكَ ، وَأَحْسِنْ عَمَلِي ، وَاغْفِرْ لِي . اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالِي ، وَوَلَدِي ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَنِي . اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ، وَتَرْحَمَنِي ، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ . اللَّهُمَّ انْصُرْ أَهْلَنا فِي الشَّامِ وَعَجِّلْ لَهُمْ بِالفَرَجِ يا مَنْ بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ الفَرَجِ ، وَأَهْلِكْ الطُّغَاةَ البُّغَاةَ وَجُنُودَهُمْ وَمَنْ أَعَانَهُم فَإِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَكَ . اللَّهُمَّ كما بَلِّغْتنا رَمَضَانَ وَنَحْنُ فِي صِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ وَسِتْرٍ مِنْكَ اللهم تقبله منا . اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ اللهم آمين .